أخي المسلم، إن الله فرض علينا الصلاة رحمة لنا، ولو أن المسلم قام بالصلاة حق القيام بها لرأى فضل الله تعالى عليه وتجنب غضبه وسخطه. أما الإنسان الشقي هو الذي حرم لذة الصلاة ولذة الاتصال بالله سبحانه والخشوع بين يديه. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الصَّلَاةُ خَيرٌ مَوضُوعٌ ، فَمَنِ استَطَاعَ أَن يَستَكثِرَ فَلْيَستَكثِرْ. رواه أحمد والطبراني والحاكم وصححه. كثير من المسلمين و خاصة الشبان يتركون الصلاة ،إما عمدا أو غفلة، رغم أنها الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين. وذلك يرجع إلى عدة أسباب نذكر من بينها: أولاً، ضعف الإيمان بالله تعالى. وذلك متأت من البعد عن الله والغوص في أمور الدنيا. وفي هذا السياق قال تعالى: " رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ" (37) النور ثانياً، الاستخفاف بأوامره ونواهيه. فآداء الصلاة على أحسن وجه هو أضمن طريق لإرضاء الله عز و جل و إيجاد مكان بين السعداء بمرضاة الله. و في ذلك قال عليه الصلاة و السلام "إن شفاعتنا لن تنال مستخفاً بالصلاة". والشقي الأكبر هو إبليس فقد عصى الله وهو مغضوب عليه وموعود بالخلود في النار. ثالثاً، الابتعاد عن منهجه جهلا أو تجاهلا لعقوبته. فقد خلق الله الإنسان عزيزا وكرمه بسجود الملائكة له ولكنه سرعان ما يصبح ذليلا كلما إبتعد عن منهج الله. "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ " (8)المنافقون رابعاً، الجهل بالمنافع الدنيوية والأخروية المتأتية من الصلاة. قال تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) العنكبوت خامساً، الجهل بمنزلة الصلاة في الدين الإسلامي. فقد وردت كلمة الصلاة سبعا و ستين مرة في القرآن الكريم في إثنين وستين آية في ثمانية وعشرين سورة وذلك يبين مدى أهميتها. قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) البينة ولو أن المسلمين يدركون حق أهمية الصلاة و تذكروا ذلك دائما لما تركوها و لحرصوا عليها.
إنّ أهم العبادات و أقربها الى الله تعالى هي عبادة الصّلاة ، فهي الصلة بين العبد و ربه ، و هي الأساس المتين الذي تبنى عليه سائر الأعمال ، و هي أول الأعمال التي يسأل عنها العبد يوم القيامة فإذا حفظها و داوم عليها حفظه الله و إذا ضيعها فلينتظر حسابا عسيرا – و العياذ بالله - ، وأيّنا يستطيع أن يتواصل مع أخيه في الحياة الدنيا بدون وسيلة اتصال كالهاتف مثلا و لله المثل الأعلى فما فرضه الله تعالى على عباده من حظّ الصّلاة لهو كفيل بإسعاد البشرية و توثيق صلتها بالله تعالى فتستبين طريقها و تستبصر درب نهضتها بمنهج واضح جليّ . و قد فرض الله تعالى على أمّة سيّدنا محمد صلى الله عليه و سلم خمسين صلاة في اليوم حين عرج النّبي الى السماء في ليلة الإسراء و المعراج ثم خفّفت ركعاتها حتى وصلت الى ما وصلت اليه ، خمس صلوات في اليوم و الليلة فقد أدرك النّبي عليه الصلاة و السلام أنّ هذه الأمّة لن تطيق خمسين صلاة و كل ذلك من رحمة الله سبحانه و تعالى فلا يكلف سبحانه نفسا إلاّ وسعها .
و قد اختلفت الأئمة اختلافاً بسيطاً في حكم تارك الصلاة و قد أجمع العلماء على كفر تارك الصلاة جحوداً بها و إنكاراً لها أّمّا من تركها تكاسلاً مع علم وجوبها بأنّ تكاسل عنها حتى أتى موعدها فلم يصلي فمنهم من كفّره إنطلاقاً من حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم " بين الرجل و الكفر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر " فلم يحدّد الرّسول عليه السلام سبب ترك الصلاة فالسّبب عام هنا أي من تركها تكاسلا أو جحودا سواء عند هذا المذهب ، و منهم من رأى أنّه يقتل حدا و من رأى أنّه يقتل ردة و كفرا بعد إيمان ، و كل هذه الآراء حقيقة تراها شديدة عنيفة على نفوس من ترك الصلاة و لا تدل إلاّ على عظمة و قدرهذه العبادة عند الله سبحانه ، و قد قاتل خليفة رسول الله أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – من منع أداء الزكاة و هي من فرائض الإسلام و لكنها لا تتقدِّم على الصلاة التي هي أهم العبادات ، قال تعالى ينعي من ترك الصلاة و اتبع شهواته و حظوظ نفسه " فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا " (مريم:59-60 ) .